کد مطلب:109945 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:147

خطبه 227-در ستایش پیامبر











ومن خطبة له علیه السلام

یحمدالله فیها ویثنی علی رسوله ویصف خلقاً من الحیوان

حمد الله تعالی

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لاَ تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ، وَلاَ تَحْوِیهِ الْمَشَاهِدُ، وَلاَ تَرَاهُ النَّوَاظِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، الدَّالِّ عَلَی قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ، وَبِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلَی وجُودِهِ، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَی أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ، الَّذِی صَدَقَ فِی مِیعَادِهِ، وَارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِه، وَقَامَ بِالْقِسطِ فِی خَلْقِهِ، وَعَدَلَ عَلَیْهِمْ فِی حُكْمِهِ، مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الْأَشْیَاءِ عَلَی أَزَلِیَّتِهِ، وَبِمَا وَسَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلَی قُدْرَتِهِ، وَبِمَا اضْطَرَّهَا إِلَیْهِ مِنَ الْفَنَاءِ عَلَی دَوَامِهِ. وَاحِدٌ لاَ بِعَدَدٍ، وَدَائِمٌ لاَ بِأَمَدٍ، وَقَائِمٌ لاَ بَعَمَدٍ، تَتَلَقَّاهُ الْأَذْهَانُ لاَ بِمُشَاعَرَةٍ، وَتَشْهَدُ لَهُ الْمَرَائِی لاَ بِمُحَاضَرَةٍ، لَمْ تُحِطْ بِهِ الْأَوْهَامُ، بَلْ تَجَلَّی لَهَا بِهَا، وَبِهَا امْتَنَعَ مِنهَا، وَإِلَیْهَا حَاكَمَهَا، لَیْسَ بِذِی كِبَرٍ امْتَدَّتْ بِهِ النِّهَایَاتُ فَكَبَّرَتْهُ تَجْسِیماً، وَلاَ بِذِی عِظَمٍ تَنَاهَتْ بِهِ الْغَایَاتُ فَعَظَّمَتْهُ تَجْسِیداً بَلْ كَبُرَ شَأْناً، وَعَظُمَ سُلْطَاناً.

الرسول الاعظم

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الصَّفِیُّ، وَأَمِینُهُ الرَّضِیُّ -صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ- أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ، وَظُهُورِ الْفَلَجِ، وَإِیضَاحِ الْمَنْهَجِ، فَبَلَّغُ الرِّسَالَةَ صَادِعاً بِهَا، وَحَمَلَ عَلَی الْمَحَجَّةِ دالاًّ عَلَیْهَا، وَأَقَامَ أَعْلاَمَ الْإِهْتِدَاءِ وَمَنَارَ الضِّیَاءِ، وَجَعَلَ أَمْرَاسَ الْإِسْلاَمِ مَتِینَةً، وَعُرَا الْإِیمَانِ وَثِیقَةً.

منها فی صفة عجیب خلق أصناف من الحیوان

وَلَوْ فَكَّروا فِی عَظِیمِ الْقُدْرَةِ، وَجَسِیمِ النِّعْمَةِ، لَرَجَعُوا إِلَی الطَّرِیقِ، وَخَافُوا عَذَابَ الْحَرِیقِ، وَلكِنَّ الْقُلُوبَ عَلِیلَةٌ، وَالْأَبْصَارَ مَدْخُولَةٌ! ألاَ تَنْظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ اللهُ، كَیْفَ أَحْكَمَ خَلْقَهُ، وَأَتْقَنَ تَرْكِیبَهُ، وَفَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ، وَسَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَالْبَشَرَ ! انْظُرُوا إِلَی الَّنمْلَةِ فِی صِغَرِ جُثَّتِهَا، وَلَطَافَةِ هَیْئَتِهَا، لاَ تَكَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ، وَلاَ بِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ، كَیْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا، وَصَبَتْ عَلَی رِزْقِهَا، تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَی جُحْرِهَا، وَتُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا. تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدِهَا، وَفِی وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا، مَكْفُولٌ بِرِزْقِهَا، مَرْزُوقَةٌ بِوِفْقِهَا، لاَ یُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ، وَلاَ یَحْرِمُهَا الدَّیَّانُ، وَلَوْ فِی الصَّفَا الْیَابِسِ، وَالْحَجَرِ الْجَامِسِ! وَلَوْ فَكَّرْتَ فِی مَجَارِی أُكْلِهَا، وَفِی عُلْوهَا وَسُفْلِهَا، وَمَا فِی الجَوْفِ مِنْ شَرَاسِیفِ بَطْنِهَا، وَمَا فِی الرَّأسِ مِنْ عَیْنِهَا وَأُذُنِهَا، لَقَضَیْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً، وَلَقِیتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً! فَتَعَالَی الَّذِی أَقَامَهَا عَلَی قَوَائِمِهَا، وَبَنَاهَا عَلَی دَعَائِمِهَا! لَمْ یَشْرَكْهُ فِی فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ. وَلَمْ یُعِنْهُ عَلَی خَلْقِهَا قَادِرٌ. وَلَوْ ضَرَبْتَ فِی مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَایَاتِهِ، مَا دَلَّتْكَ الدَّلاَلَةُ إِلاَّ عَلَی أَنَّ فَاطِرَ الَّنمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ، لِدَقِیقِ تَفْصِیلِ كُلِّ شَیْءٍ، وَغَامِضِ اخْتِلاَفِ كُلِّ حَیٍّ. وَمَا الْجَلِیلُ وَاللَّطِیفُ، وَالثَّقِیلُ والخَفِیفُ، وَالْقَوِیُّ وَالضَّعِیفُ، فِی خَلْقِهِ إِلاَّ سَوَاءٌ.

خلقة السماء والكون

وَكَذلِكَ السَّماءُ وَالْهَوَاءُ، وَالرِّیَاحُ وَالْمَاءُ. فَانْظُرْ إِلَی الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالنَّبَاتِ وَالشَّجَرِ، وَالْمَاءِ وَالْحَجَرِ، وَاخْتِلاَفِ هذَا اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ، وَتَفَجُّرِ هذِهِ الْبِحَارِ، وَكَثْرَةِ هذِهِ الْجِبَالِ، وَطُولِ هذِهِ الْقِلاَلِ، وَتَفَرُّقِ هذِهِ اللُّغَاتِ، وَالْأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ. فَالوَیْلُ لِمَنْ جَحَدَ الْمُقَدِّرَ، وَأَنْكَرَ الْمُدَبِّرَ! زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارعٌ، وَلاَ لاِخْتِلاَفِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ، وَلَمْ یَلْجَؤُوا إِلَی حُجَّةٍ فِیَما ادَّعَوا، وَلاَ تَحْقِیقٍ لِمَا أَوْعَوْا، وَهَلْ یَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَیْرِ بَانٍ، أَوْ جِنَایَةٌ مِن غَیْرِ جَانٍ!

خلقة الجرادة

وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِی الْجَرَادَةِ، إِذْ خَلَقَ لَهَا عَیْنَیْنِ حَمْرَاوَیْنِ، وَأَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَیْنِ قَمْرَاوَیْنِ، وَجَعَلَ لَهَا السَّمْعَ الْخَفِیَّ، وَفَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِیَّ، وَجَعَلَ لَهَا الْحِسَّ الْقَوِیَّ، وَنَابَیْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ، وَمِنْجَلَیْنِ بِهِمَا تَقْبِضُ، یَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِی زَرْعِهمْ، وَلاَ یَسْتَطِیعُونَ ذَبَّهَا، وَلَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِم، حَتَّی تَرِدَ الْحَرْثَ فِی نَزَوَاتِهَا، وَتَقْضِی مِنْهُ شَهَوَاتِهَا، وَخَلْقُهَا كُلُّهُ لاَ یُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً. فَتَبَارَكَ اللهُ الَّذِی (یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)، وَیُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً وَوَجْهاً، وَیُلْقِی بِالْطَّاعَةِ إلَیْهِ سِلْماً وَضَعْفاً، وَیُعْطِی الْقِیَادَ رَهْبَةً وَخَوْفاً! فَالطَّیْرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمْرِهِ، أَحْصَی عَدَدَ الرِّیشِ مِنْهَا وَالنَّفَسَ، وَأَرْسَی قَوَائِمَهَا عَلَی النَّدَی وَالْیَبَسِ، قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا، وَأَحْصَی أَجْنَاسَهَا، فَهذَا غُرابٌ وَهذَا عُقَابٌ، وَهذَا حَمَامٌ وَهذَا نَعَامٌ، دَعَا كُلَّ طَائِرٍ بَاسْمِهِ، وَكَفَلَ لَهُ بِرِزْقِهِ. وَأَنْشَأَ (السَّحَابَ الثِّقَالَ)، فَأَهْطَلَ دِیَمَهَا، وَعَدَّدَ قِسَمَهَا، فَبَلَّ الْأَرْضَ بَعْدَ جُفُوفِهَا، وَأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا.